Saturday, February 23, 2013

ظاهرة التحرش الجنسي بالمرأة


لقد اصبحت ظاهرة التحرش الجنسى متفشية جداً فى المجتمع وأصبحنا دائماً ما نسمع شكاوى النساء عن التحرش الذي يتعرضن له سواء بالقول أو الفعل. 

غالباً ما تختلط المفاهيم حول التحرش الجنسي وما إذا كان يتضمن القول والفعل أو الفعل فقط (اللمس وما يتعدى ذلك). ومن خلال ملاحظاتي ونقاشاتي مع الكثير من الشباب والشابات، وجدت أن الكثير منهم يرى أن التحرش الجنسي هو "اللمس"، ولا يعتقد أن المعاكسات أو الكلام يعتبر تحرش جنسي. ولاحظت أيضاً من الشباب من أرتعب من كلمة "تحرش" وأصبح يدافع عن نفسه ويقول "أنا صحيح أعاكس البنات أحياناً لكني لست متحرش! هذا ليس تحرش!". أحب أن أقول لك أخي المعاكس المغازل أو الذي يحب أن يغمز أو يرقم أو غيره، أنت متحرش! وتحرشك هذا هو انتهاك لحقوق الانسان وهو جريمة بحق المرأة المتحرش بها. وهو أولاً وأخيراً فعل منافي للدين والأخلاق.

ولكي لا يقول الرجال أني فقط أجرمهم أو أتهمهم بالتحرش الجنسي وهم ليسوا متحرشين وإنما فقط "معاكسين"، دعونا نرى معاً ما معنى كلمة "تحرش". التحرش هو "أي مضايقة أو فعل غير مرحب به". وبالتالي كما ترون التحرش لا يتضمن فقط اللمس وإنما هو أي مضايقة سواء كانت فعل أو قول. والتحرش الجنسي يعرفه المركز المصري لحقوق المرأة بأنه " كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساس بعدم الأمان". ولذلك أي مضايقة فيها طابع جنسي هي تحرش جنسي وللأسف نجد هذه الظاهرة كثيراً في مجتمعنا ولا يرى الناس أهميتها ومدى تأثيرها على المرأة وعلى قدرتها على ممارسة حياتها بشكل طبيعي.


ما هي أسباب التحرش؟



مع اختلاف مفاهيم التحرش الجنسي لدى الناس، تختلف أيضاً الأسباب في أنظارهم. لكني من خلال بحثي وملاحظاتي أرى أن الأسباب الأساسية للتحرش هي كالتالي:

- الأخلاق

انعدام الأخلاق الكريمة التي يجب أن يتصف بها كل مسلم ومسلمة وهي غالباً ما تأتي بسبب التربية التي نشأ عليها المتحرش التي قد تكون في بيئة منزلية أو مجتمعية عنيفة وعدائية ولم تقوم على أسس دينية وأخلاقية.

- القيم الاجتماعية

في مجتمع ذكوري كمجتمعنا ينشأ فيه الرجال على قيم خاطئة تعلمهم أن الرجل أرفع مقاماً من المرأة وأن المرأة خلقت فقط لمتعته وخدمته. مثل هذه القيم تقوم بتجسيد المرأة والتقليل من انسانيتها ورفع الرجل في مقام عالي مما يعطيه الحرية في ممارسة رجولته أو سلطته عليها والتحرش بها.

- عدم وجود عقوبة

ضمان المتحرش بأنه لن يحاسب ولن يلومه أحد على تحرشه لأن اللوم دائماً وأبداً ما يلقى على المرأة إذا تحرش رجل ما بها وتصبح عرضة للإتهامات بأنها هى الغير محترمة وأنها من أثارته. وأيضاً عدم وجود عقوبات خاصة لمعاقبة المتحرش على فعلته مما يعطيه حرية في ممارسة التحرش باطمئنان.


ما هي آثار التحرش؟


قد تتعرض المرأة للتحرش في أي مكان سواء كان في المدرسة، الجامعة، العمل، الشارع أو غيره. وقد يكون المتحرش زميل، معلم، أحد الأقارب، أو ناس غرباء. و التحرش الجنسي غالباً ما يأثر على الضحية ويكون تأثيره نفسياً أو اجتماعياً أو أكاديمياً أو مهنياً الخ. ومن هذه الآثار:

- الإجهاد النفسي.
- تدهور الأداء المهني أو الدراسي وارتفاع نسبة الغياب خوفاً من تكرار التحرش (اذا كان في العمل أو الجامعة أو المدرسة).
- اضطرار المرأة للجلوس في البيت والامتناع عن الخروج وعن العمل خوفاً من التحرش الذي قد تتعرض له.
- لوم المرأة الضحية واذلالها عن طريق القيل والقال وتخريب سمعتها. فتصبح الضحية هي المتهمة وتتعرض للنقد والهجوم والحكم عليها وعلى اخلاقها وتصرفاتها وطريقة لبسها.
- قد تفقد المرأة ثقتها بأي بيئة مماثلة للبيئة التي تعرضت للتحرش بها وبالتالي يصعب عليها ممارسة حياتها بشكل طبيعي.
- التحرش له تأثير كبير على المجتمع ككل بحيث أنه يحد من تطور المرأة ومشاركتها للرجل في العمل وفي بناء المجتمع.


الحل؟

وهنا يأتي السؤال، كيف يمكننا أن نجد حل جذري لهذه الظاهرة؟ وهل وجود قانون معاقبة يكفي للحد منها؟
برأيي إلى جانب وجود قانون صارم وآلية تبليغ عن التحرش، يجب أن ننشر الوعي في المجتمع عن التحرش الجنسي وعن أهمية إيقافه والابلاغ عنه وأيضاً نشر الوعي عن مكانة المرأة في المجتمع، وعدم تربية الأطفال على عدم احترام الفتيات وعلى أن الفتاة دائماً هي في مقام أقل من الولد.

يجب أن نقل لا للتحرش!


 
أطلقت منظمة "سماء" مؤخراً حملة ضد التحرش الجنسي بالمرأة في اليمن وهي حملة لوم الضحية نصف الجريمة والتي أتوقع لها نجاح كبير. انضموا إلى الصفحة وشاركوا بآرائكم ومقترحاتكم لنتمكن كلنا كمجتمع من ايقاف التحرش الجنسي وإيجاد حلول له، لتمكين المرأة من ممارسة حياتها بشكل طبيعي.